في الطريق الى الدعوة
برزت في دمشق مشكلة شغلت العلماء شهورا , ونشر فيها رسائل والف فيها كتب ,وانقسم فيها اهل العلم قسمين ولاتجد مجلسا الا يتحدث عنها ,ولعلكم تصدقون اذا قلت لكم ان هذه المشكلة الكبيرة ليست محاربة الالحاد والفساد , ولاقمع الرذيلة ونشر الفضيلة بل كانت صلاة التراويح هل هي عشرون ركعة ام ثمان.
تظهر من هذه القصة مأساة دعوية وهي الانشغال والجدال في التفاصيل وترك الأصول ,وهذه الإشكالية تحتم علينا الرجوع الى زمن النبوة والقرآن حتى نمضي في الطريق الى الدعوة الصحيحة ,وكما قال الامام مالك :
لايصلح آخر هذه الأمة الا بما صلح به اولها.
وتعريف الدعوة إلى الله هو: (الدعوة إلى الإيمان به وما جاءت به رسله، بتصديقهم فيما أخبروا به وطاعتهم فيما أمروا)؛ فالدعوة تقوم على دعوة النّاس إلى التصديق بالله مع قرن ذلك بالعمل الصالح
ابن تيمية
نتوقف مع القرآن والسنة لنرى بعض التوجيهات الدعوية والتي سنتفكر سويا في استنتاجاتها :
قال الله سبحانه وتعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)
________________________________________
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وما أرسلنا إلى أمة من الأمم ، يا محمد، من قبلك ومن قبلِ قومك ، رسولا إلا بلسان الأمة التي أرسلناه إليها ولغتهم ( ليبين لهم ) يقول: ليفهمهم ما أرسله الله به إليهم من أمره ونَهيه ، ليُثْبت حجة الله عليهم ، ثم التوفيقُ والخذلانُ بيد الله
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن قال له: ( إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم) متفق عليه )
هل هناك حدود لاستخدام الوسائل المتاحة للوصول الى الناس ؟
انطلقت مواكب رسل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحمل بشائر وأنوار الهداية، من خلال رسائل وخطابات مختومة بختمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكانت تلك الرسائل تحمل حرص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على إسلام هؤلاء الملوك، وإبلاغ دعوته إليهم .
عن أنس ـ رضي الله عنه ـ : ( أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كتب إلى كسرى وقيصر وإلى النجاشي - وهو غير الذي صلّى عليه - وإلى كل جبّار يدعوهم إلى الله عز وجل )( مسلم ).
اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم الداعية الانسب لكل رسالة :
وكان اختيار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لسفرائه قائما على مواصفات رباهم عليها، فكانوا يتحلون بالعلم والفصاحة، والصبر والشجاعة، والحكمة وحسن التصرف، وحسن المظهر .
فاختار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دحية الكلبي ، وأرسله إلى هرقل عظيم الروم . يقول ابن حجر في الإصابة عن دحية : " كان يُضرب به المثل في حسن الصورة ". وكان دحية ـ مع حسن مظهره ـ فارسا ماهرا، وعليما بالروم ..
وأرسل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عبد الله بن حذافة إلى كسرى عظيم الفرس، وكان له دراية بهم ولغتهم، وكان ابن حذافة مضرب الأمثال في الشجاعة ورباطة الجأش .
ونتوقف مع هذا الاقتباس للشيخ علي الطنطاوي :
وقفة ومناقشة :
لوتوقفنا مع الآيات والاحاديث وماذكره الطنطاوي ماذا سنستنتج؟
1- وجوب الدعوة باللغة التي يفهمها المدعويين
2- استخدام واستغلال جميع الوسائل المتاحة لنشر الدعوة
3- تخصص كل صحابي حسب مهاراته وامكانياته
4- فهم المجتمع يعين على اختيار مايحتاجونه من مواضيع ووسائل دعوية
5- الدعوة ليست مجرد كلمات عابرة
6- ان للدعوة اولويات حسب المدعويين
7- التدرج مهم وله منهجية خاصة مع المدعويين
دون ماذا استنتجت انت ؟
نماذج دعوية ناجحة في العصر الحديث
1- استاذ احمد السيد.
1.1.اسم المشروع الدعوي : صناعة المحاور تقريبا عدد المشاركين 15 الف من جميع انحاء العالم
1.2.وسائل العمل للمشروع : واتس آب – تيليجرام – موقع الكتروني – يوتيوب – سناب شات – استبيانات جوجل
1.3.التخصص الدعوي : الرد على الشبهات والاعتزاز بالدين.
1.4.الابداع الدعوي : بساطة وتنظيم المحتوى الذي يقدمه , عدم وجود من يتكلم عن هذه المواضيع والانفراد وسد خانة في المجتمع
1.5.من اسباب النجاح : يتكلم عن شبهات ومواضيع تلمس الشباب خاصة , اهمية المواضيع التي يتحدث عنها لأنها من الأصول العقائدية
2- الشيخ فهد الكندري.
2.1.اسم المشروع الدعوي : فسيروا.
2.2.وسائل المشروع : قناة في اليوتيوب – صفحات مواقع التواصل – برنامج على قناة فضائية.
2.3.التخصص الدعوي : اثر القرآن الكريم – معجزات القرآن الكريم.
2.4.الابداع الدعوي : التجديد في كل سنة من حيث الفكرة والاماكن – التصوير واختيار الناس والاماكن
2.5.من اسباب النجاح : يتكلم عن قضايا ومواضيع واقعية تلمس حياة الناس
3- اكاديمية زاد.
3.1.فكرة المشروع :منصة الكترونية تقدم العلوم شرعية
3.2.التخصص : االعلم الشرعي لعموم الناس وخاصة الحريص على العلم
3.3.الابداع : الموشين جرافيك ووسائل التواصل وبساطة الطرح.
ماذا نستنتج من هذه النماذج الدعوية الناجحة :
1- استخدام الوسائل الحديثة (سناب – واتس – تليجرام وغيره)
2- اختيار تخصص دعوي
3- الابداع والتجديد الدائم في الطرح
4- التضحية والتعب
يوجد كثير من الدعاة الناجحين ولكن الاختيار تم بناء على استخدامهم للوسائل الحديثة بطريقة واضحة ومن اسباب نجاحهم.
دون انت ماذا استنتجت انت ؟
لكي تنجح دعوتنا
لكل حريص على نجاح الدعوة هذه بعض المسارات التي تهمك :
1- تصحيح اهم الاخطاء الدعوية :
ومرد اخطائنا في الدعوة الى امرين :
اننا نبدأ بالفرع قبل الاصل
اننا نختلف في الفروع فنهمل الدعوة الى الاصول.
علي الطنطاوي
في قصة معاذ ان اهل الشرك يحتاجون الدعوة الى التوحيد , الدعوة الى الاصل قبل الفرع منهج نبوي.
2- استخدام قاعدة رفق لاختيار التخصص الدعوي :
الراء : رغبة :
ان تكون لدى الداعية رغبة في العمل وحافز دائم لتقديم اسحن مالديه, واذا قدم العمل برتابة فلاقيمة له
الفاء: فرصة :
استغلال الفرص الدعوية المتاحة , كل منا يحتاجه محيطه في امر دعوي , فهناك مجتمع يحتاج مربي فالفرصة ان يكون مربيا فلا يصر ان يصبح محاورا للاديان.
وهناك من يعيش في الغرب ففرصته الدعوة لغير المسلمين وحوار الاديان فلايصر ان يصبح مربي
استغلال الفرص المتاحة ذكاء دعوي ومن بورك له في شيء فليزمه.
القاف : قدرة:
كل عمل دعوي له مهاراته وامكانياته الوقتية والجسدية والعقلية , احد طلاب العلم كان يقول بصراحة انا لااستطيع على الاعمال التربوية والاحتكاك بمجموعة من الاشبال او الفتيان , لكنه عرف قدرته على الجلوس على الكتاب لساعات ونشر العالم فعمل عليها , فلايظن ان من لديه امكانيات ظهير ايمن ان يلعب مهاجم او العكس.
3- الإبداع الدعوي:
من علامات أن تكون مهموما بدعوتك أن تُبدِع في سبيلها كما أبدع أهل الباطل في سبيل باطلهم، ونحن أولى بالإبداع منهم، وقل لي بربك:
لماذا نرى الإبداع اليوم وكأنه حِكر على الكفرة وخُدَّام الدنيا؟ ونبحث عن المبدعين من أجل الدين فنجدهم ندرة.
إن الإبداع الدعوي اليوم صار فريضة لازمة لأن زمن الرتابة انتهى وبدأ زمن السرعة والتجديد، وناشئة القرن الحادي والعشرين تترعرع في ظل شهوات دنيوية تغيِّر ثيابها الزاهية كل يوم، وتتلون بألوان الطيف، وتتجدَّد على مدار الساعة لتخلب الأبصار وتُدخِل الناس النار فماذا فعلنا نحن لإنقاذهم ؟!
قلِّب الأنظار حولك : إبداع دنيوي يجيده أهل الباطل يتعالى كل يوم ويتطور كل لحظة، مما يجعل تقديم الهداية اليوم في ثوب قديم وأسلوب تقليدي لا يواكب العصر ويراعي المتغيِّرات صادٍّا للأجيال الجديدة لنبوء نحن بالإثم ونرجع بوزر الصد عن دعوة الله!!
وتشتمل مجالات التفكير الإبداعي على:
¬ إيجاد البديل لكل رذيل وِفْق الضوابط الشرعية.
¬ ابتكار حلول للمشاكل التي تواجهها الدعوة على طريقة الماء الجاري!! وتأمل ماذا يفعل الماء إذا جرى ووجد أمامه عقبة؟!
يمُرُّ من اليمين أو الشمال، فإن لم يكن هناك يمين أو شمال؟! علا الماء الصخرة رويدا رويدا حتى يغمرها ثم يجتازها ماضيا في طريقه، ومع مرور الوقت يحفر الماء عمق الصخرة ليُحطِّمها في النهاية، فكن ماء جاريا لا تستسلم لعقبة زرعوها أمامك ليُقعدوك.
¬ فتح أبواب جديدة لم تطرقها الدعوة من قبل:
عن طريق غزوات دعوية جديدة، وانتشارات في ميادين وساحات ظلت أبوابها زمنا مغلقة وأبوابها مؤصدة تنتظر الفاتح يا فاتح!!
¬ عدم الرضا بالواقع الدعوي والتطلع دوما للأفضل في ظل تطوير مستمر للعمل حتى لا يكاد يُؤدى العمل نفسه بذات الطريقة مرتين.
وأسألك في ضوء ما قرأت:
الإبداع وليد المعاناة وحمل الهمِّ فماذا أبدعت من مشاريع لدينك وأفكار لدعوتك؟ حصيلة الهمِّ: إبداع، فأين حصيلتك؟!
4- التضحية :
اعلم ان كل قاعد في بيته ,فليس خاليا من هذا الزمان عن منكر من حيث التقاعد عن ارشاد الناس وتعليمهم وحملهم على المعروف .
تخيل مايوعده النصارى لدعاتهم الشباب :
(أيها المبشر الشاب ..نحن لا نعدك بوظيفة أو عمل أو سكن أو فراش وثير، إنا ننذرك بأنك لن تجد في عملك التبشيري إلا التعب والمرض.. كل ما نقدمه إليك هو العلم والخبز وفراش خشن في كوخ فقير، أجرك كله ستجده عند الله إذا أدركك الموت وأنت في طريق المسيح كنت من السعداء)
فاذا كان هذا وعد النصارى لشبابهم ومع هذا يضحون فماذا بالله عليك واجبنا اتجاه دعوتنا من تضحيات بالوقت والمال والجهد.
وتضحيتنا يجب ان تكون كما يلي:
رجال الدعوات يُذيبون قواهم وشبابهم في أداء رسالتهم ويسكبون دماءهم ويحرقون أعصابهم لتتألق بها الرسالات التي يعملون لها... فتتحول بهم إلى سيل جارف ويتحولون بعدها إلى رُفات هامد.. هذا سبيل الفدائية المحفور في تاريخ البشر منذ الأزل.
محمد الغزالي
افكار دعوية
اجعل لك هدفا واضحا يوميا , اسبوعيا , شهريا , سنويا في الدعوة الى الله:
1- سأصحح مفهوم خاطئ (مثل المغفرة عند اغلب الناس يظنون ان الاستمرار على المعصية عادي وان الله يغفر ولو لم يتوب الانسان)
2- سأوصل مفهوم الى ابني وبنتي (عن اهمية الوقت – عن اهمية الحجاب)
3- سأوقظ جاري لصلاة الفجر
4- سأناقش موضوع مع زميل العمل (حسب حالته فهناك من يحتاج عن الصلاة وهناك من يحتاج عن القضاء والقدر)
5- سأعمل مدونة الكترونية لكتابة مقالات شهرية تظل صدقة جارية
6- رسائل دعوية عالواتس (سلسلة احاديث الاربعون النووية – معاني ايمانية ) والواتس اصبح مرجع اول لكثير من الناس
7- صفحة عالفيس بوك – انستجرام – تويتر لنشر العلوم الشرعية , اختار كتاب شرعي وانشره بشكل ممنهج عالمواقع الاجتماعية
8- فيديو دعوي عاليوتيوب
9- تويتات منظمة للدعوة او التنبيه من امر معين (مثلا الحجاب – الغناء - الربا )
10- برنامج كامل عن سيرة الرسول على اليوتيوب او اي موضوع تميل اليه
11- سلسلة سنابات عن معاني القرآن
12- نشر الوعي التربوي عن طريق الواتس
13- عمل قناة على التليجرام
هذه بعض الافكار والمقترحات وهناك الكثير من الابواب والاعمال .
فتذكر قوله تعالى وماارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم , فتعلم لسان الواقع المعاصر والتقنيات المستخدمة واجب لنجاح الدعوة.
في الختام اخي الغالي.
س- من وجهة نظرك اذا نفذنا شيء مما ذكر في الطريق الى الدعوة هل سيتغير الواقع الدعوي ؟
شاركني رأيك وتجاربك الدعوية .
المراجع :
كتاب ياصاحب الرسالة د.خالد ابوشادي
كتاب في الدعوة والاصلاح د.علي الطنطاوي
محاضرة الدعوة على الانترنت للشيخ نبيل العوضي ود.محمد العوضي.
لتحميل المقالة بصيغة بي دي اف
للتواصل:
اخوكم حسنين أبوسعده.
Developerhasanein@gmail.com
0 التعليقات :
إرسال تعليق