مشهد بعض المشايخ الذين اذا صلينا خلفهم سمعنا صوت انينهم وبكاءهم في الصلوات المفروضة اي في غير رمضان لايغيب عن ذهني , ويدور في خاطري كيف وصل هؤلاء المشايخ الى هذه الدرجة من الخشوع؟
والخشوع هو سكينة الجسد وخضوع القلب اللذان يسببان حالة من الهدوء والاستقرار قد تصل لشدتها وتذللها الى البكاء,
وهذه المشاهد قليلة في مساجدنا بل نادرة الا في مواسم الطاعات ,وفي الأغلب يكون الحال :
هذا يحرك شماغه ويظبط المرزام , وهذا يطل في الساعة , وآخر يخرج جواله ,وواحد حركته لاتتوقف , كل هذي المشاهد تدل على ضياع الخشوع الذي هو في معناه السكينة والخضوع .
قرأت مقالة بعنوان الأنبجانية وكيف ان الرسول صلى الله عليه وسلم من حرصه على الخشوع , رد هدية ابوجهم وطلب منه الأنبجانية وهي ثوب خالي من الخطوط لكي لا يشغله الثوب المخطط عن الصلاة ,فشكلت عندي ردت فعل حركتني للبحث عما يعين على الخشوع ,وظني اني سأجد الحل في الصلاة , ولكن الحقيقة ان الخشوع يبدأ من الأذان .
وحتى ندرك اهمية الخشوع تأملوا قوله تعالى (قد افلح المؤمنون - الذين هم في صلاتهم خاشعون )
الفلاح في هذه الآيات لأصحاب الخشوع.
اذا فالأذان هو اول استعداد للوصول الى الخشوع , هذا مثال يوضح فكرة ان الاستعداد المبكر هو الموصل للخشوع ,المروحة عندما تكون على سرعة عالية ثم تضعها على صفر للإيقاف , تحتاج وقت للإنتقال بين الدرجات حتى تصل الى الصفر , كذلك قلوبنا فعندما تكون على درجة عالية من الإنهماك في الدنيا والمشاغل والأعمال تحتاج وقت للإنتقال الى الخشوع وتذكر الآخرة , ومراحل الإنتقال هي كالتالي :
1- مرحلة ماقبل الصلاة.
2- مرحلة اثناء الصلاة .
3- مرحلة بعد الصلاة.
مرحلة ماقبل الصلاة :
- الترديد خلف المؤذن .
-الدعاء الذي بعد الأذان (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ) البخاري
-قوله تعالى (خذوا زينتكم عند كل مسجد ) لبس مايليق للذهاب به الى المسجد ,لكن البيجامة وملابس الرياضة وثوب البيت ماينفعوا للوقوف بين يدي الله.
-دعاء الوضوء (( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين))
-الذهاب الى المسجد في سكينة (اذا اقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون , وأتوها تمشون وعليكم السكينة )
تنبيه : (لاصلاة بحضرة طعام ولاهو يدافعه الأخبثان ) مسلم.
- الوصية الأخيرة في هذه المرحلة من النبي صلى الله عليه وسلم (صل صلاة رجل يظن انه لن يصلي غيرها )
هل رأيت كل هذا الإعداد من الشرع كي تنتقل الى مرحلة الدخول في الصلاة وقلبك قد هدأ من دوامة الدنيا واشغالها.
مرحلة الصلاة :
- نوع في السور والآيات والأذكار (يوجد اكثر من دعاء استفتاح )
(( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب , اللهم نقني من خطاياي كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس , اللهم أغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد )) { متفق عليه } .
(( سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك , وتعالى جدك , ولا إله غيرك )) { مسلم }
-اذكر دعاء جديد في الركوع (( اللهم لك ركعت , وبك آمنت , ولك أسلمت , خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي )) { مسلم }
-اقرأ بسورة جديدة او آيات جديدة فتكرار العصر والكوثر والصمد يقتل روح الصلاة.
-اعلم ان الله يجيبك في الصلاة (قال الله عز وجل في الحديث القدسي : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين , ولعبدي ماسأل ,فإذا قال الحمدالله رب العالمين , قال الله حمدني عبدي
فإذا قال الرحمن الرحيم , قال الله اثنى علي عبدي
فإذا قال مالك يوم الدين ,قال الله مجدني عبدي
فإذال قال إياك نعبد واياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم
ولا الضآلين ,قال الله هذا لعبدي ولعبدي ماسأل )
- مجاهدة السرحان والتثاؤب (إذا تثاءب احدكم في الصلاة فليكظم مااستطاع , فإن الشيطان يدخل ) مسلم.
-عدم الالتفات والحركة , تأمل هذا المعنى للخشوع في قوله تعالى(ومن آياته انك ترى الأرض خاشعة فإذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت ) اخبر سبحانه انها بعد الخشوع تهتز والاهتزاز حركة ,وانها تربو والربو الارتفاع ,فعلم ان الخشوع فيه سكينة وانخفاض
بن تيمية.
فبمقدار سكونك وانخفاض بصرك وقلبك يكون خشوعك.
-المرحلة الثالثة بعد الصلاة :
في الحديث ان العبد لينصرف من الصلاة , ولم يكتب له الانصفها ,ثلثها , ربعها , حتى بلغ عشرها .
فأكمل نقص الخشوع بالأذكار والسنن حتى يطمئن قلبك ,ولاتزاحم بالخروج .
في الختام تذكروا ان هذه وسائل والمعين عليها الكريم سبحانه وتعالى فأكثروا من دعاء :
اللهم انا نسألك قلبا خاشعا وعلما نافعا.
مراجع :
كتاب مسلكيات ابراهيم السكران.
كتاب 33 سبب للخشوع محمد صالح المنجد.
كتاب مختصر منهاج القاصدين بن قدامة.
محاضرة للشيخ هاني حلمي لشرح الصلاة في كتاب مختصر المنهاج.
0 التعليقات :
إرسال تعليق